كتاب “في الجهة الصحيحة من التاريخ” الإصدار الثاني

مقدمة تعريفية

يُمثّل كتاب “في الجهة الصحيحة من التاريخ” وثيقة فكرية وسياسية شاملة، تُقدّم قراءة معمقة للرسالة التاريخية التي وجّهها قائد الثورة الإسلامية إلى الشباب الغربي، لاسيما في الأوساط الأكاديمية والجامعية. يأتي هذا الإصدار الثاني محمّلاً بتحليلات مستفيضة ورؤى استشرافية، ليكون مرجعاً أساسياً لفهم الأبعاد الاستراتيجية لهذه الرسالة في الظروف الدولية الراهنة. الكتاب من مؤلفات سماحة الشيخ الدكتور محمد علي محسن زاده وقام بطبعه دار نشر الثورة الإسلامية بطهران.

الأبعاد التاريخية والسياق الزمني للرسالة

ينطلق الكتاب من تحليل دقيق للظروف الدولية التي أحاطت بتوجيه الرسالة، مبرزاً أهمية التوقيت الذي جاءت فيه الرسالة كمنارة فكرية تهدي إلى الحق في خضمّ العواصف الإعلامية المضادة. يقدّم الكتاب قراءة متأنية في السياقات الجيوسياسية التي دعت إلى ضرورة توجيه هذه الرسالة، مع تركيز خاص على التحوّلات الكبرى في المنطقة والعالم.

الأسس الفكرية والمنهجية للرسالة

يُعتبر هذا القسم من الكتاب مدخلاً مهماً لفهم المنطلقات الفكرية التي تستند إليها الرسالة، حيث يشرح الأسس العقائدية والفلسفة السياسية التي تنطلق منها رؤية الإمام الخامنئي. يبرز الكتاب كيف تجسّد الرسالة منهجاً متكاملاً في فهم الواقع الدولي وتحليله، مع التأكيد على الثوابت الإسلامية في مواجهة نظريات الهيمنة الغربية.

تحليل المحاور الرئيسية للرسالة

1. الدفاع عن المظلومين كمنطلق إسلامي
يتعمق الكتاب في تحليل المفهوم القرآني للعدالة والموقف من الظلم، مقدّماً دراسة مقارنة بين الرؤية الإسلامية والمنظومات الفكرية الأخرى. يقدّم الكتاب نماذج تطبيقية من سيرة الأنبياء والأئمة في الدفاع عن المظلومين، مع استعراض لدور المستضعفين عبر التاريخ كقوة تغيير أساسية.

2. مشروع المقاومة وتحوّلات الموازين
يُقدّم الكتاب تحليلاً استراتيجياً لتحوّلات مشهد المقاومة بعد “طوفان الأقصى”، مع تركيز على التحوّلات النوعية في أدوات ووسائل المقاومة. يدرس الكتاب تأثيرات هذه التحوّلات على الموازين الإقليمية والدولية، مقدّماً رؤية مستقبلية لمشروع المقاومة في ظلّ المتغيّرات الدولية.

3. التضامن العالمي وآلياته العمليةيُعتبر هذا القمر من الكتاب دليلاً عملياً لفهم آليات التضامن الدولي مع القضايا العادلة، مع تركيز خاص على القضية الفلسطينية. يقدّم الكتاب تحليلاً نقدياً لأدوات التأثير الدولي وكيفية تفعيلها، مع استعراض لتجارب ناجحة في مجال العمل التضامني الدولي.

4. الكيان الإسلائيلي … غدة سرطانية وداء عضال

يتناول الكتاب الجوهر الوجودي للكيان الصهيوني، مُحلِّلاً طبيعته ككيان استيطاني استئصالي لا يمتلك مقومات الاستمرار الطبيعي. لا يقتصر التحليل على الجوانب السياسية التقليدية، بل يغوص في جذور المشروع الصهيوني الفكرية، مُسْتعرِضاً الظروف التاريخية التي أحاطت بنشأته بدءاً من “وعد بلفور” المشؤوم ومروراً بدور القوى الاستعمارية في زرع هذا الكيان في جسد الأمة العربية والإسلامية. يُبرز الفصل التناقض الجوهري بين ادعاء “الديمقراطية” وواقع “الدولة اليهودية” العنصرية، مُفَنِّداً المبررات الأسطورية والتوراتية التي تتخذها الصهيونية ذريعةً لاحتلال فلسطين. كما يسلط الضوء على حروب الكيان العدوانية وسجلّه الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان، مؤكداً على أن استمراره رهنٌ بالدعم الخارجي، مما يجعله بمثابة “الغدة السرطانية” التي تهدد أمن واستقرار المنطقة بأكملها.

5. الولايات المتحدة وقيادة نظام الهيمنة

ينتقل الكتاب إلى تحليل الدور الأمريكي كقائدٍ لنظام الهيمنة العالمي، الذي يُعد الداعم الرئيس والأول للكيان الصهيوني. لا يقدم التحليل مجرد سردٍ للعلاقة الثنائية، بل يكشف عن الآليات الهيكلية والفلسفة السياسية التي تقوم عليها هذه الشراكة الاستراتيجية. يشرح الفصل مفهوم “نظام السلطة” وأدوات الهيمنة الأمريكية، من الهيمنة العسكرية المباشرة إلى الهيمنة الاقتصادية والثقافية غير المباشرة، وكيف تخدم هذه الأدوات بشكلٍ عضوي استمرار المشروع الصهيوني. كما يحلل بعمق ظاهرة “اللوبي الصهيوني” وتأثيره الهائل على صنع القرار في واشنطن، مع تقديم نماذج واقعية عن الدعم السياسي والأمني والاقتصادي غير المحدود الذي تقدمه الإدارات الأمريكية المتعاقبة، مما يجعل الولايات المتحدة شريكاً كاملاً في جرائم الكيان وليس مجرد داعمٍ خارجي.

الرؤية المستقبلية واستشراف الآفاق

يختتم الكتاب برسم ملامح الرؤية المستقبلية التي تقدّمها الرسالة، مبرزاً كيفية تحويل الأفكار إلى مشاريع عملية قابلة للتنفيذ. يُقدّم الكتاب تصوراً متكاملاً لآليات التغيير الدولي وكيفية تفعيل دور الشباب والأوساط الأكاديمية في عملية التغيير.

قيمة الكتاب العلمية والعملية

يتميز الكتاب بأنه يجمع بين العمق الأكاديمي والرؤية العملية، حيث يُقدّم تحليلاً علمياً رصيناً مع تطبيقات عملية قابلة للتنفيذ. يُعتبر الكتاب مرجعاً مهماً للباحثين والدارسين، كما يُشكّل دليلاً عملياً للناشطين والعاملين في مجال التغيير الدولي.

الخاتمة: نحو حركة عالمية منظمة

يؤكد الكتاب في خاتمته على أن رسالة الإمام الخامنئي ليست مجرد خطاب ظرفي، بل هي مشروع متكامل لبناء حركة عالمية منظمة تقوم على الأسس الفكرية الرصينة والوسائل العملية الفعالة. يُقدّم الكتاب رؤية إستراتيجية لكيفية تحويل الأفكار إلى واقع ملموس، وكيفية بناء تحالفات دولية فاعلة في خدمة القضايا العادلة.

الكتاب: إضافة نوعية للمكتبة الإسلامية المعاصرة، ومرجع أساسي لفهم تحوّلات العالم الراهنة.